عبد الهادي الجزار .. السريالية الشعبية

عبد الهادي الجزار .. السريالية الشعبية

من وحي الأحياء الشعبية والقضايا اليومية البسيطة، والتفاصيل الحياتية والأفكار الغرائبية الكامنة وراء حياة المهمشين والمنسيين، خرجت أعماله الإبداعية لتكون لسان حال الشعب، الجماهير، الغالبية العظمى من الناس بكل فئاتهم وطوائفهم، لم تكن المشاهد الواقعية هي همه الأساسي بقدر ما أراد أن يصنع من الواقع المرير والمؤلم أساطير فنية، مليئة بالصدق الذي يضمن لها الخلود في الذاكرة والوجدان الجمعي.

ولد عبد الهادي الجزار في حي القباري بالأسكندرية عام 1925 ، ولحبه الشديد للفن، ترك كلية الطب ودرس الفنون الجميلة كما درس الآثار لفترة طويلة، وحصل على العديد من المنح الدراسية في أوربا ، إلى أن حصل على درجة تعادل الدكتوراة في فن التصوير من أكاديمية الفنون الجميلة بروما، وتم تعيينه معيدا بكلية الفنون الجميلة ، ومسيرة أكاديمية حافة بالنشاط والعطاء والتقدم رغم وفاته في سن مبكر عام 1966 عن عمر يناهز 41 عاما .

اهتمام عبد الهادي الجزار بالآثار جعله يستلهم الحضارة الفرعونية في العديد من أعماله، كما أن له العديد من الأعمال التي تشير للحالة الوطنية الطاغية على المجتمع المصري وقتذاك، منها لوحة الميثاق ولوحة السد العالي، لكن تظل الخرافات او الأساطير الشعبية هي الأجواء المميزة لأعماله التي اتسمت بالطابع السريالي الشعبي المصري ، ويمكن القول أنه مؤسس ورائد في هذا الاتجاه مع عدد من زملائه .

 

عبد الهادي الجزار

تتسم لوحات الجزار بالثراء الشديد المتمثل في تعدد تفاصيلها سواء على مستوى الشخصيات أو الثيمات التي يتضمنها العمل، أو على مستوى الزخارف والخلفيات والتفاصيل الأخرى التي قد لا ينتبه إليها من يرى لوحاته من الوهلة الأولى.

انتقال الجزار مع أبيه من الأسكندرية إلى القاهرة ، خاصة بعد الإقامة في حي السيدة زينب، لا شك أكسبه العديد من الأفكار الفنية حول الأحياء الشعبية وسكانها ومعاناتهم ، ما يتضح بقوة في لوحته الشهيرة الجوع، فيما تأتي الخرافات أو الوساوس القهرية التي تنتشر في تلك الأحياء عن الحسد والبخت والجنون وما إلى ذلك لتؤسس لمرحلة أخرى لديه، تكون الألوان فيها بطلا إلى جانب الفكرة .

يظل عبد الهادي الجزار واحدا من أهم الفنانين المصريين الذين عرفوا ماهية الفن ودوره الحقيقي وقرروا أن يقدموا هذا الدور في أعمالهم بتحد للسائد والمألوف وبكل الدأب والمثابرة التي تؤكد على الفكرة وتصل بالفن للجمهور الذي يتوجه إليه بالفعل .

Website | + مقالات

اترك لنا تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني