الفنان يسري المملوك لـ” تكوين”:الخط العربي فن عريق وليس”سد خانة”

الفنان يسري المملوك لـ” تكوين”:الخط العربي فن عريق وليس”سد خانة”

فنانو المهرجانات معروفون أكثر منا.. وأتمنى إلغاء الروتين من الفن

الشارقة تقيم مهرجانا عالميا للخط العربي ناجحا بكل المقاييس .. وفي مصر وزير التعليم ألغى مدارس الخط

الخط العربي والفن التشكيلي مظلوم من القائمين عليه

 

هو فنان جمع بين جمال الخط وتكوين الصورة، ليقدم حالة فنية تمزج الفن بالحروفية،  طوع فنه ليكون رسومات رشيقة، في لوحات تحمل بداخلها الصورة والخط، احتفظ في فنه بتراثه العربي، المتمثل في موهبته كخطاط يمزج بين أنواع مختلفة، من الخطوط وبين الفن التشكيلي، هو الخطاط يسري المملوك، خريج كلية الفنون الجميلة ، الذي نمى موهبته في الخط وأصقلها بالدراسة، يحكي لنا عن مدى تعلقه بفن الخط العربي، وكيفية الجمع بينه وبين الفن التشكيلي .

-متى بدأ اهتمامك بالخط العربي ؟ وكيف نميت هذه الموهبة؟

بدأ منذ الصغر، منذ كنت في المرحلة الابتدائية، وجاء الأمر بشكل تلقائي، فهى موهبة وضعها الله بداخلي، إلى جانب موهبة الرسم، فأنا خريج كابة الفنون الجميلة، جامعة الإسكندرية قسم تصوير، وقد نميت موهبة الخط والرسم في المراحل التعليمية التي سبقت التحاقي بكلية الفنون الجميلة، عن طريق الاهتمام التلقائي، حتى درست في الكلية سنة 1977، والتحقت بمدرسة محمد إبراهيم  للخط العربي، في نفس العام حيث كانت الدراسة ليلية، وحصلت على دبلوم الخط العربي، ثم حصلت على أول الجمهورية في دبلوم التخصص في الخط والتهذيب، وقد تأثرت برؤيتي لتترات المسلسلات والأفلام، والجرائد بالخطوط المختلفة، وأسماء الشوارع على الميناء بخط الثلث، وأسماء المحلات وغيرها من الخطوط، واستفدت من دراستي الأكاديمية للمجالين وكان لكل منهم أثره على الآخر.

-ما هى أهم أنواع الخطوط التي تتضمنها لوحاتك ؟

هناك خطوط مستخدمة وحاضرة بقوة، مازالت تدرس في مدرسة الخط ، وهناك خطوط تلاشت واختفت، ومن الخطوط المستخدمة الثلث، والفارسي، العربي، والديوان، والرقعة ، وخطوط الزخرفة ، والكوفي بنوعية الفاطمي والمصحفي القديم، بالنسبة لي أحب استخدام خط الثلث وهو أصعب الخطوط، ومن يستطيع كتابته يستطيع كتابة باقي الخطوط، كما أستخدم الخط الديواني والديواني الكوفي، ولأنني أعمل منذ سنة 1982 فقد استخدمت العديد من الخطوط، مثل الخط السنبلي وهو لا يدرس في مدارس الخط في مصر بأكملها، وقد ابتكره خطاط تركي، يدعى عارف حكمت، له ورقة واحدة هى المتداولة والموجودة، في الكتب وعلى الأنترنت، ومنها عرفنا الحروف، وكل خطاط يتناولها بطريقته الخاصة، وأستخدم خط الطغراء، والمغربي، واستخدم الخطوط إما بشكل كلاسيكي أكاديمي، للحفاظ على التراث ، وإما بشكل معاصر في اللوحة التشكيلية المعاصرة .

-إلى أي مدى يحمل الخط أبعادا جمالية تجعله ضمن الفنون التشكيلية ؟

الخط يمتلك كل مقومات الفن التشكيلي، فالفن التشكيلي بالنسبة للوحة، هو تكوين وخطوط ومساحة، فالتكوين لا يتجزأ فهو الكتلة والفراغ، والمساحة المشغولة سواء بالخط أو الرسم وما حولها، ومن الممكن الاحتفاء بالصورة، وجمالياتها من خلال الخط في شكل فني بصري ممتع، وبالنسبة للخط هناك أشخاص تستخدمه بشكل تقليدي، تجعله يحمل الطابع النمطي الخالي من الإبداع، لذلك أحاول دائما أن أضعه في أشكال، تجعله متحرك غير نمطي، فهو يمتلك ميزة التطويع في التشكيل، ومن الممكن مزجه مع الرسم، مثل لوحاتي الهدهد والفيل، وأتناوله بالحروف والكلمات، وهذا ما يسمى ” الحروفية العربية ” التي تعتبر أسلوبا يمزج بين الخط واللوحة التشكيلية،  والذي ظهر منذ 80 عاما، وذلك عندما أراد الفنان العربي، أن يخلق لنفسه هوية عربية مستقلة .

-ما مدى اهتمام المؤسسات الرسمية في مصر بالخط العربي تدريسا ونشرا؟

للأسف لاتهتم المؤسسات بالخط العربي، وعن تجربة شخصية خلال 41 عاما عانيت فيها ونحت بالصخر، لإيجاد أسلوب وصيغة فنية، بها هوية وثقافة متفردة من وحى التراث والحضارة، لم تهتم المؤسسات الرسمية إلا قليلا من قبيل ” سد الخانة “.

-كيف ترى الاهتمام بالخط وتعليمه وانتشاره في الوطن العربي وما سبب ذلك؟

هناك اهتمام كبير في الدول العربيةبالخط وتدريسه على أعلى المستويات،  فمثلا معرض ملتقى الشارقة للخط، يشارك به خطاطون وفنانون من كل أنحاء العالم، فهناك غير العرب من هم مهتمون بالخط العربي وجمالياته، وهو يقام في أكثر من مكان داخل المدينة، في الساحات والقصور وفاعليات لمدة شهرين، والسبب أن في مصر الناس ” بتتفرنج” بمعنى أنه يتمالنظر للخط العربي، على أنه مجرد تراث إسلامي ، ويبدو في تصورهم أن هذا يعني أنه”كوخه” ليس لدي تفسير آخر لإهمال الخط .

-كيف تصف مشاركتك الأخيرة في ملتقى الشارقة للخط العربي والفنون ؟

كانت هذه هي الدورة العاشرة للمعرض، وهو يقام كل عامين، وعمره عشرون عاما، وهو معرضيهتمون فيه بالنواحي الإعلامية، ويقيمون نشاطا ضخما، من جانب الصحافة والإعلام والحضور، وتشارك به دول من كل أنحاء العالم، سواء لاهتمامات شخصية أو دولية، وكانت الاستفادة بالتجربة مشتركة، ولم أعرف من الذي رشحني، فقد شاركت معهم من قبل بمعرض مصغر، ومن خلاله تعرفوا على وعلى أعمالي،وسيرتي الشخصية والفنية، وقد تعرفت واستفدت بتجارب فنانين آخرين من دول مختلفة، فالفنانون الأجانب شغلهم مستوحى، من الكلمات العربية ولكن في شكل أجزاء من حروف متداخلة، مع الحروف الروسية والأجنبية، فهو ملتقى عالمي ناجح بكل المقايس، به لوحات وأعمال مجسمة ، وأعمال في الفراغ ومعرض مستقل للمصاحف القديمة، وهناك تقدير كبير به للخط العربي، وتسلمت ميدالية من رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، عبدالله العويس، فهذه هويتنا الثقافية التي لابد أن نحافظ عليها، لأن هناك من يهاجمها من المسؤولين، والفنانين التشكيليين الذين ينظرون للخط على أنه ليس فنا، ودليلي على ذلك أن في عام 2010، لغى وزير التربية والتعليم مدارس الخط وقال يكفي الخريجين ولا داعي لدخول أجيال جديدة، وهو ما يعد حربا على الهوية.

-وما هى أهمية وجود تعدديه للخط مع غير المتخصصين والفنانين ؟

أهميته في المقام الأول أن يكون مقروءا، وأن نحافظ به على هويتنا وتراثنا ولغتنا، وأن يكون الشخص العادي يتناول الخط بشكل جمالي، أما تنوع الخطوط فهو للمتخصصين، فمثلا القرآن الكريم كان يكتب بالخط الكوفي، ولكن لصعوبته أصبح بخط النسخ لتسهيل قراءته.

 

-ما الذي يحلم به الفنان يسري المملوك للنهوض بفن الخط العربي ؟

أتمنى أن يكون هناك اهتمام من المسؤولين، ودعم لفناني هذا المجال الذي لم يأخذ حقه، ومصر بلد كبيرة ، ومن المفترض أن يكون هناك دعم لكافة الفنون لكي يؤثر في الثقافة العامة، والمشاركات الخارجية التي تعبر عن شخصيتنا بشكل محترم أمام العالم .

-ما نصائحك حتى يعود الاهتمام بهذا الفن أكاديميا ورسميا وشعبيا ؟

لو لم يعلم المسؤول قيمة الثقافة والفن، لأصبحت مشكلة كبيرة تنم عن عدم كفاءته لهذا المنصب، وإذا علم فلابد أن يضع ويختار الأكفاء الأمناء، ولابد أن تكون هناك متابعات باستمرار، من جهات أعلى لكي تتحقق العدالة، ويأخذ كل فنان حقيقي حقه، لأن مجال الخط العربي والفن التشكيلي مظلوم من القائمين عليه، ولا يجد تقدير مثل الفن التافه، كما أن الإعلام لا يهتم بالفنانين المختصين بالخط والفن التشكيلي، الذين ينحتون في الصخر، كفناني المهرجانات المعروفين أكثر منا مثلا، وللأسف عندما يحدث اهتمام لايكون إلا بالسنيما والمسرح والتليفزيون، أما إذا تم الاهتمام بنا  سيكون هناك تطوير وابتعاد عن النمطية، وثراء بين الثقافات المختلفة من خلال إقامة معارض ومشاركات دولية، وأتمنى أن يلغى الروتين من  الفن.

 

+ مقالات

اترك لنا تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني